“فيما تطغى موضوعات العنف واللا-إستقرار السياسي والصعوبات الاقتصادية على شهادات اللاجئين، فإن الإشارة إلى التغيّر المناخي أو التدهور البيئي غائبةٌ بشكلٍ بارز”، لاحظ الباحث في معهد (GIGA) لدراسات الشرق الأوسط، د. نيلز لوكاكس، في ندوةٍ حول “الآثار الاجتماعية-الاقتصادية للتغيّر المناخي على المستنقعات الجنوبية في العراق: بناء القدرة على مواجهة التحدّيات عبر التبادل الأكاديمي والمناصرة”. تردّدت فكرة “الغياب البارز” للإشارة إلى التدهور البيئي، أو على الأقل قلّتها، خلال المؤتمر، حيث ناقش أ. د. إيكارت فورتس وقْع التغيّر المناخي على الأمن الغذائي في العراق، مشيراً إلى استبيانٍ أُجري لآراء 152 من الخبراء العراقيين في مختلف القطاعات، كشف “توافقاً على أن اللا-إستقرار السياسي والحوكمة السيئة هما التحدّيان الأخطر أمام الأمن الغذائي”، حتى قبل نُدرة المياه والتغيّر المناخي.

تُظَهِّر هذه النقاشات أهمية المبادرة التي اتخذتها الجامعة الأمريكية في بغداد بتأسيسها “مركز التغيّر المناخي وأمن المياه واستدامة البيئة” بهدف الإسهام في معالجة جذور المسائل الخطيرة الناشئة عن التدهور البيئي، كمُهدِّدات الأمن الغذائي والصحّة العامة، فضلاً عن النزوح الداخلي والهجرة. في هذا السياق بالضبط أتت الندوة سالفة الذِكر، المنعقدة في تشرين الأول الفائت في مدينة هامبورغ الألمانية، والتي شارك بتنظيمها مكتب الشراكة العالمية في الجامعة الأمريكية في بغداد، بالتعاون مع معهد (GIGA) لدراسات الشرق الأوسط ومعهد برلين للدراسات التجريبية حول الإدماج والهجرة (BIM)، بتمويلٍ من الهيئة الألمانية للتبادل الأكاديمي الخارجي (DAAD).

ركّزت الندوة على أهمية المقاربة متعدّدة التخصّصات الأكاديمية وعلى التعاون الدولي بين الجامعات والعلماء ومنظّمات المجتمع المدني وصانعي القرار. في كلمتها الافتتاحية، تحدّثت المديرة الإقليمية لأوروبا في مكتب الشراكة العالمية في الجامعة الأمريكية في بغداد، السيدة دالية عابد، عن الحاجة إلى استراتيجياتٍ مستدامة لمواجهة التحدّيات أمام العراق التي يطرحها التغيّر المناخي، منوّهةً في هذا الصدد بالمهمّة التي أخذتها الجامعة على عاتقها، مهمّة تشكيل منصّةٍ للتبادل والتعاون الدوليَّين. قدّمت الأستاذة في العلوم الحيوية في الجامعة، د. ميرنا سمعان، مركز التغيّر المناخي، شارحةً دوره في إدماج الدراسات البيئية في مجموعةٍ واسعة من برامج الشهادات في الجامعة، ودعمه البحوث ذات الصلة بالمِنَح الصغيرة. كما قدّم الأستاذ المساعد في علوم الحاسوب في الجامعة، د. عادل غيدان، خلال المؤتمر عرضاً حول نظام مراقبةٍ بالفيديو مدعوماً بالذكاء الاصطناعي، صُمِّم ليعمل في الظروف الجوية القاسية في العراق وليدعم جهود التكيّف مع التغيّر المناخي.