استضاف الفضاء الأمريكي في الجامعة الأمريكية في بغداد ورشة عملٍ عنوانها “نزع الطابع الاستعماري عن الإنكليزية في التعليم العالي: من النظرية إلى الممارسة”، أدارها أستاذ علم اللغويات التطبيقي في جامعة القادسية، د. سامي الحسناوي، الذي عرض مشروعاً بحثياً شارك فيه، أُنجِز بالتعاون مع المجلس الثقافي البريطاني وجامعة ساوثهامبتون، وجاء كجزءٍ من برنامجٍ للمجلس الثقافي البريطاني عنوانه “توسيع المشاركة”. درس المشروع البحثي جوانب من تجربة 1,820 طالباً في العراق والمكسيك وتايلاند وكولومبيا وفيتنام والمملكة المتحدة، درسوا الإنكليزية كلغةٍ أجنبية. غاص المشروع البحثي في تحليل “كيف للإنكليزية أن تمكّن من يتعلّمونها وأن تهمّشهم في الآن نفسه”، وذلك لأن المكانة التي تحتلها هذه اللغة اليوم “كلغةٍ عالميةٍ مشتركة في المجال الأكاديمي… لها جذورٌ عميقة في الإرث الكولونيالي”، وفقاً للدكتور الحسناوي.
“أقرب شيءٍ لهويتنا هي اللغة”، التي لها قوة أن “تعيد بناء هويات الناس”، أكّد د. الحسناوي، سائلاً المشاركين في ورشة العمل، “لماذا تكون هذه اللغة الأجنبية بالتحديد مألوفةً لدينا، وليس غيرها من اللغات الأجنبية؟” وجاء الجواب ببساطة، وبكلمةٍ واحدة: إنها “الهيمنة” التي “تهمّش اللغات الأصلية وأساليب المعرفة.” والمهيمِن في هذه الحالة هو ليس فقط اللغة المعنية، بل نوعٌ محدّدٌ منها وأيضاً لهجةٌ محدّدة في التحدّث بها، وهو ما أسماه الباحث “هيمنة الإنكليزيات القياسية” على “الإنكليزيات العالمية”، حتى داخل بريطانيا نفسها، كمثالٍ بارز.
من أبرز النتائج التي خرج بها المشروع البحثي أن ثمة “وصمةٌ عنيدة تثني (الكثيرين) عن التحدّث بلغتهم الأم في الفضاءات الأكاديمية”، في تجلٍّ “للهيمنة”، الثقافية وغير الثقافية، هو الأوضح، شرح العالِم اللغوي، مضيفاً أن البعض “يشعرون بالتهديد” إن لم يلتزموا التحدّث ليس فقط باللغة المهيمنة، بل أيضاً باللهجة المهيمنة، حتى وإن كانوا بغير هذا “الانتظام” يتواصلون على نحوٍ فاعلٍ وكفؤ. وعليه، “في سياق التعليم العالي، فإن نزع الطابع الاستعماري عن الإنكليزية يتمحور حول تفكيك الهَرَميّات اللغوية” وحول “الحفاظ على هويّات المتعلّمين”، حيث على اللغات أن “تتعايش”، بما ضمن “الإنصاف والتنوّع” بوصفهما من أهم “الشروط الضرورية للتعليم العادل والمستدام”، خلُص د. الحسناوي.