زار الأستاذ المشارك في مادة الفيزياء الفلكية في الجامعة الأمريكية في بغداد، د. يوانيس هاراناس، جامعة ثيساليا في اليونان، حيث دُعي لإلقاء محاضرةٍ حول ظواهر “الثقوب السوداء والثقوب البيضاء والثقوب الدودية” في مدرسةٍ صيفيةٍ تشارك بتنظيمها جمعية علوم الفلك والفضاء. وناقش د. هاراناس الحضور، الذي تألّف أساساً من طلبةٍ ثانويين وأيضاً من أساتذةٍ مرموقين في هذا الحقل العلمي، في الجوانب الفيزيائية والحسابية من هذه الظواهر الفلكية الغامضة.
تُدرِّب المدرسة الصيفية في علوم الفلك الشباب من مختلف الأعمار، ليشارك العديد من هؤلاء في أوليمبيادات العلوم الفلكية؛ ويحظى مَن يقلَّدون الأوسمة من المشاركين في هذه الأوليمبيادات بفرصة زيارة وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) بهدف التعرّف على برامج الوكالة لدراسات علم الفلك والفيزياء الفلكية وعلوم الفضاء.
“موضوع الثقوب السوداء هو من المواضيع الهامة جداً والصعبة في علوم الفيزياء الفلكية، وينطوي على العمل من ضمن النظرية العامة للنسبية وعلى الحسابات المعقدة. وفي الآن نفسه، ينطوي الموضوع على المفارقات الصارخة أيضاً، ذلك أن فيزياء الثقوب السوداء تتحدّى المنطق المألوف… على سبيل المثال، يتوقّف الزمن (في هذه الثقوب) وتتقلّص كتلة الأجسام لتصبح نقطةً مفردة، حيث الكثافة لامتناهية وحيث تنهار كل قوانين الفيزياء عند النقطة الشاذة التي تُسمّى التفرّد”، يشرح د. هاراناس، مشيراً إلى الصور التي التقطها مقراب “ويب” الفضائي لثقبٍ أسودٍ ضخم، ليقول، “بتنا نعرف الآن على وجه التأكيد أن النظرية العامة للنسبية والثقوب السوداء ليست أشياء نظرية بالكامل، بل أشياء تحدث فعلاً في الكون”. أما الثقوب البيضاء والثقوب الدودية فهي أشياء “لم نرها حتى الآن”، يقول د. هاراناس، شارحاً أن الثقوب البيضاء هي “انعكاساتٌ زمنية للثقوب السوداء في حالة الاتزان الحراري”، إذ هي “تلفظ المادة والطاقة”، عوضاً عن سحبها إلى الداخل. ونظرية الثقوب الدودية نظريةٌ جامحة، “ولم نرَ هذه الظاهرة حتى الآن إلا في أفلام هوليوود”، يقول د. هاراناس مازحاً، ليشرح الفكرة على النحو الآتي: الثقوب الدودية هي عبارةٌ عن بُنىً تربط نقطتين مختلفتين من الكون، بعيدتان جداً عن بعضهما، وذلك بفضل “انحناء الزمكان” (والمصطلح الأخير دمجٌ لمفهومَي الزمان والمكان)، بما يشكّل نفقاً بين النقطتين!
تسهم رحلة د. هاراناس في توسيع شبكة التعاون الدولي التي تحرص الجامعة الأمريكية في بغداد على تطويرها باستمرار، إذ أبدى عددٌ من الأساتذة الذين التقاهم د. هاراناس في اليونان الرغبة في الانخراط في مشاريع بحثية بالتعاون مع أفراد الهيئة التدريسية في جامعتنا، كما الرغبة في زيارة الجامعة وإلقاء محاضراتٍ تخصّصيةٍ في حقول العلوم النظرية والتطبيقية.