تدهورت مياه نهري دجلة والفرات، وهما شريانا سهل الرافدين العظيم، تدهوراً كبيراً من حيث الكمية والنوعية خلال العقود القليلة الماضية.
وبسبب عوامل متعددة، أهمها المشاريع المائية لبلدان المنبع، والإغراق الجماعي للملوثات وتسرب ما سبق ذكره إلى النهرين، واستمرار أساليب الري القديمة وغير الفعالة، والإدارة غير المثلى للموارد المائية بشكل عام، يعاني العراق من إجهاد مائي متزايد الشدة، يتفاقم تدريجياً بسبب تغير المناخ.
وفي إطار التزام الجامعة الأمريكية في العراق – بغداد (AUIB) بالسعي المستمر لتمكين العراق من التصدي بشكل أفضل للتحديات العديدة التي يواجهها، من خلال لعب دور رئيسي في تطوير ونشر المعرفة الأكثر صلة بحل المشاكل، نظمت الجامعة الأمريكية في العراق – بغداد مؤتمراً بالشراكة مع البنك الدولي تحت عنوان “المياه من أجل المستقبل: من الندرة إلى الاستدامة”.
وكان من أبرز الحاضرين مسؤولون حكوميون عراقيون معنيون ودبلوماسيون وممثلون عن وكالات دولية مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وأساتذة من جامعات بارزة مثل إكستر البريطانية، وخبراء في هذا المجال، وممثلون عن منظمات دولية غير حكومية مختلفة.
وفي كلمته الافتتاحية، قال الدكتور مايكل مولنيكس، رئيس الجامعة الأميركية في العراق، في كلمته الافتتاحية: “لا يمكننا أن نلوم جيران العراق على كل شيء في حين أن العراق يستطيع استخدام المياه التي لديه بشكل أفضل، والحفاظ على طبقات المياه الجوفية واستخدام المياه وإعادة استخدامها بشكل أفضل من خلال الري وإعادة التدوير بشكل أكثر ذكاءً، باستخدام تقنيات وأساليب جديدة”، موضحاً أن “الهدف من هذا المؤتمر هو تقديم حلول علمية للتخفيف من ندرة المياه وتأثير التغير المناخي، ودعم العراق في التخطيط والتغلب على هذه العوامل التي تحد بشدة من التنمية الاجتماعية والاقتصادية.” وأوضح وكيل وزارة الموارد المائية للشؤون الفنية، المهندس حسين عبد الأمير، أن “العراق بدأ منذ مائة عام في بناء مشاريع مائية حديثة وأنظمة حديثة للتحكم في الفيضانات”، إلا أن الأمور تغيرت اعتباراً من سبعينيات القرن الماضي عندما لم يعد تحدي العراق هو الفيضانات، بل ندرة المياه، حيث بدأت دول المنبع ببناء السدود الكبيرة ومشاريع الري، بدءاً بمشروع جنوب شرق الأناضول التركي (GAP)، مما أدى إلى تدهور المياه الواردة إلى العراق من حيث الكمية والنوعية.
حسين عبد الأمير، الذي أشار في ذات السياق إلى تحويل إيران لمجرى العديد من الأنهار والروافد بعيداً عن العراق، وذكر من بينها نهري الديالة والقرعون.
كما أشار إلى أن الاتفاقيات السابقة مع الدول المتشاطئة لم تتطور إلى اتفاقيات دائمة تحدد الحصص المائية لكل من تلك الدول.
وأضاف وكيل الوزارة أن “استمرار المشاريع (المذكورة أعلاه)، من جانب واحد، يضع العراق في موقف صعب”، خصوصاً مع “التغير المناخي الذي أصبح ملموساً أكثر في السنوات القليلة الماضية”، معتبراً أن الوضع الحالي يستلزم أولاً “صياغة استراتيجية لإصلاحات واسعة لتحقيق الاستخدام الأمثل للمياه”، وثانياً السعي إلى عقد اتفاقات دائمة حول تقاسم المياه بين الدول المتشاطئة، وفرض “استخدام عادل ومعقول (للمياه)، لا يلحق أضراراً فادحة” بدول المصب.